• !

الاشتراك فى القائمة البريدية

الحسوني

١٠٠- سائل عن حكم ما يفعله بعض الناس وقت العزاء من صنع الطعام لمدة ثلاثة أيام ويجتمع عليه المعزُّون وغيرهم؟

سائل عن حكم ما يفعله بعض الناس وقت العزاء من صنع الطعام لمدة ثلاثة أيام ويجتمع عليه المعزُّون وغيرهم؟
والجواب:
يحرم اجتماع المعزِّين على طعامٍ في بيت الميت، أو غيره لأجل التعزية؛ إذا اقترن بصنع طعام لهم -أي للمعزِّين-، وإنما يفتح باب التعزية في غير أوقات الطعام، لأثر جرير بن عبد الله البجلي عند أحمد وابن ماجه، بإسناد حسنه بعضهم، وصححه آخرون كالبوصيري والمباركفوري والألباني وابن باز؛ قال جرير رضي الله عنه: ( كنا نَعُدُّ الاِجْتِمَاعَ إلى أهْلِ الْمَيِّتِ وصنيعه الطَّعَامِ بَعْدَ دَفْنِهِ مِنَ النِّيَاحَةِ )، فأهل المصيبة مشغولون بمصابهم عن صنع الطعام أو تَكلُّفِه لغيرهم، وإنما يسن أن يَصنعَ غيرُهم الطعامَ لكل من شغله هَمُّ مصيبته عن النفخ والطبخ تعزيةً لهم وتخفيفاً عنهم، لحديث عبد اللَّهِ بن جَعْفَرٍ قال: ( لَمَّا جاء نَعْيُ جَعْفَرٍ؛ قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "اصْنَعُوا لآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا، فَقَدْ أَتَاهُمْ ما يَشْغَلُهُمْ - أو أَمْرٌ يَشْغَلُهُمْ -"، عند أبي داوود وابن ماجه والترمذي وقال: حَسَنٌ صَحِيحٌ.
فمن استقبل المعزِّين في البيت؛ جلس لهم ضحىً، أو بعد العصر، أو بعد المغرب.
ثم لو بقيت القريباتُ للميت وللمصاباتِ به وخواصُّهن في بيت العزاء بعد انصراف غيرهن من المعزِّيات، وصنع لهن طعام؛ لم يكن بذلك من بأس، لأثر عائشة رضي الله عنها عند البخاري، فإنها كانت إذا مَاتَ الْمَيِّتُ من أَهْلِهَا، فَاجْتَمَعَ لِذَلِكَ النِّسَاءُ، ثُمَّ تَفَرَّقْنَ إلا أَهْلَهَا وَخَاصَّتَهَا؛ أَمَرَتْ بِبُرْمَةٍ -وهي القِدْر- من تَلْبِينَةٍ، فَطُبِخَتْ، ثُمَّ صُنِعَ ثَرِيدٌ، فَصُبَّتْ التَّلْبِينَةُ عليها، ثُمَّ قالت: (كُلْنَ منها، فَإِنِّي سمعت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: "التَّلْبِينَةُ مُجِمَّةٌ لِفُؤَادِ الْمَرِيضِ، تَذْهَبُ بِبَعْضِ الْحُزْنِ")، والتلبية: شربة الشعير أو الحب باللبن، وقد تحلى بالعسل.
فإذا جاء وافدٌ ممن لا مأوى له في البلدة لأجل العزاء؛ فليس ينزل ببيت العزاء يُضَيَّف، حتى لا تتحقق الصورةُ المنهي عنها في أثر جريرٍ السابقِ الذكر، وإنما يأخذه أحد أهل البلدة يَقْرِيْه قِرى ضيفٍ، سواء كان فرداً أم جماعةً، ولا نهي عن ذلك.
ولو أراد محسن ضيافة الدافنين والمشيعين على شيء من الطعام لا علاقة له ببيت الميت ولا بالمأتم -طعام العزاء-؛ فلا نهي عنه، لأنه محض إحسان وقِرى ضيف، بل هذا وارد عند أحمد وأبي داوود في حديث عَاصِمُ بن كُلَيْبٍ عن أبيه عن رَجُلٍ من الْأَنْصَارِ قال: (خَرَجْنَا مع رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وَسَلَّمَ في جَنَازَةٍ، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وَسَلَّمَ وهو على الْقَبْرِ يُوصِي الْحَافِرَ: "أَوْسِعْ من قِبَلِ رِجْلَيْهِ، أَوْسِعْ من قِبَلِ رَأْسِهِ"، فلما رَجَعَ؛ اسْتَقْبَلَهُ دَاعِي امْرَأَةٍ، فَجَاءَ وَجِيءَ بِالطَّعَامِ، فَوَضَعَ يَدَهُ ثُمَّ وَضَعَ الْقَوْمُ، فَأَكَلُوا ..... )، وصحح سنده جماعة، منهم الزيلعي والمباركفوري والألباني، والله الموفق.
١٤٤٢/٨/٦ هج.
بواسطة : الحسوني
 0  0  390