• !

الاشتراك فى القائمة البريدية

بدر الفياني

عن بدر الفياني

أبي الحسن بدر بن عبدالحميد الفياني

مقال بعنوان: فضل الصلاة في الفلاة.

بسم الله والحمد لله رب العالمين، وبعد؛ فتعليقا على مقطع أحد اﻹخوة الكرام في فضل صلاة الفلاة يقال:
حمل أحاديث الصلاة في الفلاة على المحمل الذي ذكره أخونا الكريم فيه نظر، لعدة وجوه، منها:
١ - أن صلاة المسافر برا في مسجد طريق في الفلاة - الصحراء- ﻻ يخرج المصلي عن ذلك اللفظ والفضل، لكون المسجد بمن فيه ما يزال في الفلاة.
وﻻ يرد على ذلك شهود الملائكة الصلاة معه بما ﻻ يرى طرفا صفهم، ﻷنهم يمكن أن يصفوا داخل المسجد معه وخارجه لكثرتهم كاﻹنس ما لو كانوا أكثر من طاقة المسجد اﻻستيعابية.
٢ - أن اﻷحاديث إنما وردت في شأن من كان منفرداً ووافق وقت الصلاة وهو كذلك ثم، فيصلي في مكانه حفاظاً على الوقت، والفضل فيه حينذاك، كما صرح حديث أبي ذر بذلك حيث قال: قلت: يا رسول الله! أي مسجد وضع في الأرض أول؟ قال:"المسجد الحرام" قلت: ثم أي؟ قال: "المسجد الأقصى"، قلت: كم بينهما؟ قال: "أربعون سنة، وأينما أدركتك الصلاة فصل فهو مسجد" رواه البخاري ومسلم، فأما من وجد جماعة يصلي فيهم؛ فإما تجب عليه وهو اﻷصح، وعليه شيخنا العثيمين، وإما تستحب في حقه على قول، وليس في تلك اﻷحاديث تعرض لمن وجد جماعة يستطيع تحصيلها بلا مشقة فلا يتطلبها!
مع ما ورد من أحاديث صلاة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأصحابه جماعة في أسفار، فإنها مشهورة ومعلوم بأن كل سفراته كانت برأ.
٣ - أنه في عهد ورود أحاديث الصلاة بالفلوات لم تكن بالفلوات مساجد حسب ما يعلم، بل كانت بالقرى على قلتها، ولو فرض ووجدت؛ لخضع الحكم فيها لعموم حديث زيد بن ثابت في الصحيحين مرفوعا: (أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة)، يعني ففي المسجد أفضل، لأحاديث فضل الصلاة في المساجد.
فهذه الوجوه ما لو قال أحد أهل العلم بما قاله اﻷخ الكريم في المقطع، فإن لم يكن فالوجه التالي.
٤ - ﻻ يصلح أن يقول المرء في مسألة بقول وجد الباعث عليه فيها زمن السلف، وليس له فيها سلف.
ومحمل الحديث: أن الرجل ما لو كان في الفلاة فحان وقت الصلاة؛ فليحرص على أدائها وﻻ يضعها، فإن لها من الفضل كيت وكيت.
ثم حكمة التشريع في هذا لعلها أن المرء قد يستشق أداء الصلاة في الفلاة ما ﻻ يكون نظيره في الحضر، فعظم الشارع أجره على قدر مشقته، إذ اﻷجر على قدر النفقة أو المشقة كما في حديث عائشة، وهذه قاعدة معروفة؛ أن الشارع يعظم الوازع على أداء الطاعات عند قوة الصوارف الطبعية عنها، ليحرص العبد على أدائها، وهذا معهود من الشارع وله نظائر.
ولذا لو كان العبد في القرية لم يكن من المشروع في حقه تجشم الخروج للفلوات ليصلي تلك الصلاة ويظفر بذلك الثواب، بل إذا صادفت حاله ذلك الموضع؛ فعل ما أمر به وفق ما سبق، والله أعلم.
كتبه فؤاد بن بشر الكريم الجهني ١٤٣٦/١١/٤ هج.
بواسطة : بدر الفياني
 0  0  431