مقال ٥٢- تنبيه على قول: (صدق الله العظيم) بعد قراءة شيء من القرآن
بسم الله الرحمن الرحيم، وبعد؛ فهذا تنبيه على قول: (صدق الله العظيم) بعد قراءة شيء من القرآن للإخوان الأفاضل والأخوات الفضليات القارئين للقرآن كافة، وللمقرئين منهم خاصة، لكونهم قدوات، يتخرّج من تحت أيديهم النشء الصالح من أهل القرآن، وأهل القرآن هم أهل الله وخاصته -كما جاء في حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وَسَلَّمَ: "إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنَ النَّاسِ ". قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ هُمْ ؟ قَالَ : " هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ : أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ " رواه ابن ماجه وأحمد وصححه جماعة-. وذلك لأن هذه الجملة: (صدق الله العظيم) بعد قراءة شيء من القرآن؛ ذكر تعبدي، يحتاج تحري فعله إلى دليل شرعي عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أو حتى عن صحابي، ولم يرد شيء من ذلك البتة، ولو كان خيراً؛ لسبقونا إليه، إذ الدين -ومنه الأذكار- كمل وتم من العهد النبوي ونقل نصوصه الصحابة الكرام رضي الله تعالى عنهم، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ؛ فَهُوَ رَدٌّ" رواه الشيخان. نعم لو استشهد إنسان بشيء من القرآن، أو رأى ما يتطابق مع مضمون شيء من القرآن؛ فقال: صدق الله، فقد قال: … كذا وكذا؛ لم يكن بفعله هذا بأس، وعلى هذا ما جاء في القرآن: (قل صدق الله فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفاً)، وما في الحديث: (صدق الله: إنما أموالكم وأولادكم فتنة)، وعلى هذا الشيخان ابن باز وشيخنا العثيمين رحمهما الله. قال الشيخ ابن باز: ( وأما قوله تعالى: (قُلْ صَدَقَ اللَّهُ)؛ فليس في هذا الشأن، وإنما أمره الله أن يبين لهم صِدْقَ الله فيما بيّنه في كتبه العظيمة من التوراة وغيرها، وأنه صادق فيما بيّنه لعباده في كتابه العظيم القرآن، ولكن ليس هذا دليلاً على أنه مستحب أن يقول ذلك بعد قراءة القرآن أو بعد قراءة آيات أو قراءة سورة، لأن ذلك ليس ثابتًا ولا معروفًا عن النبي ﷺ ولا عن صحابته رضوان الله عليهم. ولما قرأ ابن مسعود على النبي ﷺ أول سورة النساء حتى بلغ قوله تعالى: (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا) قال له النبي ﷺ: حسبك قال ابن مسعود: فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان عليه الصلاة والسلام، أي يبكي لما تذكر هذا المقام العظيم يوم القيامة المذكور في الآية وهي قوله سبحانه: (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ) أي يا محمد (عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا) أي على أمته عليه الصلاة والسلام، ولم ينقل أحد من أهل العلم فيما نعلم عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: صدق الله العظيم بعد ما قال له النبي ﷺ: حسبك والمقصود أن ختم القرآن بقول القارئ صدق الله العظيم ليس له أصل في الشرع المطهر، أما إذا فعلها الإنسان بعض الأحيان لأسباب اقتضت ذلك فلا بأس به). ولشيخنا العثيمين تفصيل نحو مما قاله الشيخ ابن باز وزيادة، فحبذا لو يستمع إليه وهذا رابطه https://youtu.be/rUwW7o4k3Mg أسأل الله الهدى والسداد للجميع. كتبه/ فؤاد بن بشر الكريم الجهني. ١٤٤٣/٢/٧ هج. | ||