• !

الاشتراك فى القائمة البريدية

بدر الفياني

عن بدر الفياني

أبي الحسن بدر بن عبدالحميد الفياني

١٧٦- مسألة: هل الصدقة في رمضان تختلف عن كونها قبل رمضان؟

مسألة: هل الصدقة في رمضان تختلف عن كونها قبل رمضان؟
الجواب:
الحمد لله رب العالمين، وبعد؛ فسيتعارض هنا مقصودان، مقصود التعجيل في فعل الخيرات، وقد قال تعالى: ﴿فَاستَبِقُوا الخَيراتِ﴾، وقال: ﴿وَفي ذلِكَ فَليَتَنافَسِ المُتَنافِسونَ﴾، وقال: ﴿وَسارِعوا إِلى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرضُهَا السَّماواتُ وَالأَرضُ أُعِدَّت لِلمُتَّقينَ﴾، وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «التُّؤَدَةُ خير فِي كُلِّ شَيْءٍ، إِلَّا فِي عَمَلِ الْآخِرَةِ» وهو عند بعض أصحاب السنن، وقال بثبوته الألباني، فإذا نظرنا إلى هذا المعنى كان إخراج الزكاة ولو في شعبان أفضل من كونها في رمضان للتعجيل، لكن إذا نُظِرَ إلى شرف الزمن فالحسنة في الزمن الشريف أعظم من كونها فيما دونه من الأزمنة في الشرف، سيما أنَّ النبي ﷺ كان يتقصد أن يكون أجود ما يكون في رمضان، والظاهر والعلم عند الله أن يخرجه فوراً أولى من أن ينتظر به شرف الزمن، وذلك:
لأن الإنسان لا يدري ماذا يكسب غداً؟
وما يدري ماذا يحصل عليه؟
ولا يدري في أي أرضٍ يموت؟ ففي أي زمن يموت من باب أولى وأحرى، لأن الأمكنة التنقل بينها بملكك ولا تدري بأي أرض تموت، فلأن لا تدري بأي زمن تموت والزمن يمشي بغير إرادتك من باب أولى وأحرى كما ذكر ذلك شيخنا رحمه الله في المقارنة بين الموت في الأمكنة والأزمنة.
فالأمر الأول: التعجيل أفضل، لأن الإنسان لا يدري متى يُقضى أجله، وصدقة الإنسان أثناء حياته أشرف من صدقته بعد مماته ولو وصَّى.
الأمر الثاني: ما يدري عزيمته تبقى على ذلك المستوى أو تخور ويترك الإنسان الصدقة.
الأمر الثالث: لا يدري ربَّما غدًا تضيق به الحال فيصرفه لنفسه، مع أنه اليوم كان في سعة، ولعل الله يخلف عليه، وهذا نوع إيثار، لأنه يؤثر الإنسان حاجة غيره الحالة على حاجة نفسه المستقبلية، وما من متصدقٍ إلا وفيه نوع إيثار، لأنَّ ماله في الأصل له ولنوائب دهره، فكونه يتصدق به على غيره في وقتٍ ما؛ معنى ذلك أنه حتى مع احتمال احتياجه إليه في المستقبل فهو يتصدق به على غيره الآن.
الأمر الرابع: أنه لا يدري ربما يقع في نفسه من الإخلاص وسلامة النية في الصدقة في وقتٍ قد لا يتيسر نظيره في وقتٍ آخر، والعزيمة غِيَرٌ، تَقْدَمُ وتدبر، والإخلاص يقْوَى ويَضْعُفُ.
والخلاصة:
الأظهر التعجيل بالصدقة ولو في زمنٍ غير فاضل أفضل من أن يؤخرها إلى زمنٍ فاضل، والله الموفق.
كتبه/ فؤاد بن بشر الكريم الجهني.
١٤٤٣/٨/٢٥ هج.
بواسطة : بدر الفياني
 0  0  289