مقالة: ١٦- تعقيب على مقطع لأحد المشايخ الفضلاء تكلم فيه عن بيت الزوجية
بسم الله الرحمن الرحيم. أما بعد؛ فقد استمعت لمقطع صوتي لأحد المشايخ الفضلاء تكلم فيه عن بيت الزوجية ذكر فيه عنه أشياء مستغربة، فمنها: ١- قول المتكلم في المقطع: (تدخل بيت الزوجية وأنت تعلم أنك أنما تدخل إلى بلاء وامتحان وكبد ...!!!!) هذا كلام غير صحيح وغير محرر، لأن هذا النظر وهذا التوقع سينعكس ولا بد على نفسية الزوج بآثار سلبية لكونه متحفزا لمواجهة ما ذكر، مثل هذا هل سيحسن الظن بأهله، فيحسن المنطق ويلطف العبارة ويرققها؟!!! هل سيستقبلهم بوجه هشوش بشوش؟!!! هل سيحسن التعامل مع زوجته ويكرم عشرتها؟!!! وهو إذا دخل بيت الزوجية فقد دخل إلى بلاء وامتحان وإلى كبد الدنيا الذي خلق من أجله!!! والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان إذا خرج للصلاة قبل بعض نسائه ولم يتوضأ. أخرجه النسائي من حديث عائشة رضي الله عنها سنده ثابت. هذا الوداع فكيف اللقي؟! والله عز وجل يقول: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)، ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (حُبِّبَ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا النِّسَاءُ وَالطِّيبُ، وَجُعِلَ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ) رواه النسائي من حديث أنس رضي الله عنه، صححه ابن مفلح وابن القيم وابن باز والألباني وجماعة غيرهم. فهل ما ذكره المتكلم أقرب لموافقة مدلول هذين الدليلين أو أقرب إلى مخالفته؟! وإنما هذا الذي ذكره المتكلم هو مثال حي للبيت التعيس الذي ابتلي فيه الرجل بزوجة طالحة ذات شر. يصبر عليها يحتسب ويسلي نفسه بمثل قول الله تعالى: (فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كثيراً) . ٢- قوله: (لا تدخل بيت الزوجية وأنت تظن أنك تعيش حياة هنية) !!! أفينهى المرء عن حسن الظن بحياته الزوجية في مدخله بيته؟!!! هذا غريب غاية. أفلا يدل على خلاف ذلك ما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( أربعٌ مِن السَّعادةِ: المرأةُ الصَّالحةُ والمسكَنُ الواسعُ والجارُ الصَّالحُ والمركَبُ الهنيءُ، وأربعٌ مِن الشَّقاوةِ: الجارُ السَّوءُ والمرأةُ السَّوءُ والمسكَنُ الضَّيِّقُ والمركَبُ السَّوءُ) أخرجه ابن حبان وغيره، وقال الألباني: إسناده صحيح على شرط الشيخين، من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه. ٣-. قوله: (ما استقامت بيوت الزوجية للأنبياء ولا للصلحاء ولا للأولياء.....) إطلاق باطل لا ينبغي أن يذكر. لأن الواقع برهن على خلافه، كيف لا والنبي إبراهيم وإسماعيل بزوجته الأخرى وأيوب وموسى ومحمد صلى الله عليهم وعلى آلهم وسلم كانت أزواجهم من كن، وكانت بيوتهم مضرب المثل في الصلاح، وأما أفراد القضايا والخلافات الزوجية التي لا يخلو أو لا يكاد يخلو بيت منها فهي مغمورة في بحر حسنات البيوت السعيدة. والمتكلم عفا الله عنه كأنه يخاطب من ابتلي بزوجة أتعبته. أو نظر لبيوت تعيسة وأعرض عن البيوت السعيدة ولو إلى حد ما. ولا يبعد أن يؤدي كلامه هذا إلى إعراض بعض الشباب عن شعيرة الزواج، إذ ما للشاب وللمتاعب والمصاعب يفتحها على نفسه قد يؤدي حق الله فيها وقد لا يؤدي ذلك، وليسأل الله العافية وإذا قدر وابتلى صبر واحتسب. بل ماذا لو سمعت المرأة هذا المقطع وعلمت أن زوجها سيعاملها بمبدأ ما فيه؟!!! أستعامله بود وإقبال؟!!! وماذا لو سمعته اللاتي لم يسبق وأن جربن الحياة الزوجية؟!!! نسأل الله الهداية والصلاح للجميع، والله الموفق. كتبه فؤاد بن بشر الكريم الجهني ١٤٣٨/١٠/٢٥ هج. | ||