مقال ٦٣- سؤالٌ عن الاكتفاء بأضحية واحدة عن أكثر من عائلة، وعن الاكتفاء بأضحية واحدة عن الرجل لو اجتمع أبناؤه المتزوجون المستقلون بعوائلهم عنده يومَ عيد الأضحى
بسم الله الرحمن الرحيم، وبعد؛ فقد كثر سؤال الناس عن الاكتفاء بأضحية واحدة عن أكثر من عائلة بينهم قرابة كالأب وأبنائه المتزوجين ما لو كانوا يسكنون في بناية واحدة إلا أن كل عائلةٍ مستقلةٌ في شقة تخصها ولها عائلُها القائمُ بنفقتها، وكذلك يكثر سؤالهم عن الاكتفاء بأضحية واحدة عن الرجل لو اجتمع أبناؤه المتزوجون المستقلون بعوائلهم عنده يومَ عيد الأضحى باعتبار أن طعامهم يوم العيد واحداً ويعولهم فيه عائل واحد وهو الأب -كما ذهب لهذا شيخنا العثيمين-!! والأصح أنه لا تكفي أضحية واحدة عنهم في كلتا الحالين، وذلك لأن أهالي البيوت المستقلة المتعددة سيظلون عوائل كل منهم أهل بيت مستقل حتى ولو اجتمعُوا في بيت واحد يوم العيد، وكذلك لن يؤثر في كونهم عوائل متعددة لكل عائلة قائمٌ بنفقتهم؛ كونهم أقرباء لبعضهم البعض، بل لكل أهل بيت أضحيتهم التي تخصهم، نظير العوائل المتجاورة في السكن ولو في بناية واحدة كالفنادق والشقق المفروشة والأبراج التي تحوي شققاً جمّاً غفيراً؛ فإن لكل عائلة في هذه الصورة أضحية تخصهم، ولم يعهد من الشرع مراعاة القرابة ولا التجاور في البناية ليجتزئ أحدهم بإضحيته عن الآخر، وهذا ظاهر السنة النبوية، كما في حديث مِخنف بن سُلَيم (حم، ٤) عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ عَلَى كُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ فِي كُلِّ عَامٍ أُضْحِيَّةً …."، وصححه العسقلاني والألباني، وضعفه شعيب، والمعهود حتى عن الصحابة أنه لا يجتزئ أهل بيت بتضحية أهل بيت آخر، وهذا هو الأصل. ولكن لو كان العائل لعدة عوائل واحداً يقوم هو بالنفقة عليهم وعولِهم؛ فتكفيه أضحاة واحدة عنهم جميعاً، بدليل تضحية النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بكبش واحد فقط عن آل محمد مع كون بيوت نسائه تسعةَ بيوت، قَالَتْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وَسَلَّمَ إِذَا ضَحَّى اشْتَرَى كَبْشَيْنِ عَظِيمَيْنِ سَمِينَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ مَوْجُوءَيْنِ . قَالَت : فَيَذْبَحُ أَحَدَهُمَا عَنْ أُمَّتِهِ مِمَّنْ أَقَرَّ بِالتَّوْحِيدِ، وَشَهِدَ لَهُ بِالْبَلَاغِ، وَيَذْبَحُ الْآخَرَ عَنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ." (حم، جه)، وأصله في الصحيحين من مسند أنس، فلما كان العائل واحداً أفرد الأضحية، والله الموفق. كتبه/ فؤاد بن بشر الكريم الجهني. ١٤٤٣/١٢/١ هج. | ||