• !

الاشتراك فى القائمة البريدية

بدر الفياني

عن بدر الفياني

أبي الحسن بدر بن عبدالحميد الفياني

مقال ٦٤- بعنوان الدعاء يوم عرفة.

بسم الله الرحمن الرحيم، وبعد؛ فشاع كلام الناس في حكم الدعاء وما يحتف به يومَ عرفة لغير الحجاج بعرفة، فيقال في ذلك:
ينبغي أولاً أن يفرق بين مجرد الدعاء ذلك اليوم، وبين صورة التعريف التي تتضمن تقصد المساجد بالدعاء، بل ربما والاجتماع لذلك، مشابهةً لأهل عرفة، فذلك القدر زائد على الأول، إذ الأول -مجرد الدعاء والحرص عليه- جاء في فضله حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً، والصواب أنه عام في حق الحجاج وغيرهم في كل أسقاع الأرض، ولكل يوم عرفة من فجره لغروب شمسه على أصح قولي شراح الحديث، وليس لأهل عرفة خاصة، ولا بعد الزوال خاصة -كما قاله آخرون-، وأما اشتغال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم به بعد صلاتي العشي بعرفة دون قبل ذلك؛ فنعم، لأن الحاج قبل الصلاتين في النصف الأول من النهار يخلد للراحة، وإلا؛ فماذا صنع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقبته بنمرة ضحى ذلك اليوم؟! فمن لم يحتج لذلك -أي للراحة-؛ ففضل الدعاء في حقه قبل الزوال ثابت كبعدَه، لعموم الحديث، ولذا عُمم بإضافة الدعاء لليوم، فقال: "خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ"، ولم يُخصص كما في فضل التهليل يوم عرفة؛ فهو بعد الزوال إلى غروب الشمس خاصة، ولذا قال: "وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي عشية عرفة: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"، وقال بثبوت الزيادة الألباني، والعشي النصف الآخر من النهار.
ثم إن ثبت الخبر المروي عن ابن عباس وعمرو بن حريث في التعريف يوم عرفة مما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره عنهما، وكان مما لم يُعلم إنكاره؛ فإن لم يقتد أحدنا بهما في ذلك؛ فلا أقل من أن يسعَنا ما وسع الصحابة في عدم إنكارهم عليهما، وإن لم يثبت الخبر عن واحد منهما، أو ثبت وأنكَر عليهما غيرُهما ذلك من الصحابة؛ فيُتطلب حينذاك المرجِّحُ في المسألة: أمشروع هو أو ممنوع؟ والأصل المنع، لكونه من باب التعبد، فيفتقر المحل لنقل حتى يشرع، فهذا إنما هو في التعريف المذكور آنفاً، أما تقصد أصل الدعاء يوم عرفة؛ فمن أنكره؛ فهو المطالب بالدليل، لما سبق، والله الموفق.
كتبه/ فؤاد بن بشر الكريم الجهني.
١٤٤٣/١٢/٥ هج.
بواسطة : بدر الفياني
 0  0  445