٢١٤- سؤال عن المفاضلة بين عمرة رمضان وعمرة ذي القَعدة؛ أيهما أفضل؟
بسم الله الرحمن الرحيم، وبعد؛ فهذا سؤال عن المفاضلة بين عمرة رمضان وعمرة ذي القَعدة؛ أيهما أفضل؟ والجواب: محل خلاف، والأصح أن عمرة رمضان أفضل، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما في قصة أم سنان رضي الله عنها، وفيه: "عمرة في زمضان تعدل حجة معي"، ومعلوم بأن عَدْلَ حجةٍ معه صلى الله عليه وعلى آله وسلم أكمل وأعظم من عمرة مع غيره. فإذا قال قائل: لَمْ يعتمرْ النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم في رمضانَ قط، وكل عمراته أحرم بهن في ذي القعدة، أفلا يدل هذا على أفضليتها على عمرة رمضان؟ فيقال: لا يلزم من ترك النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم العمرة في رمضان ألا تكون أرجح مما صنعه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من العُمُرات في غيره، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله قد يترك الأفضل من الأعمال مما دل أمته عليه، ويفعل هو الأفضل في حقه، بحسب ما تقتضيه حاله، إما لاشتغاله عنه بأولويات تتعلق بحاله، أو لأنه قد لا يطيقه لظرف ما، ومن أبرز أمثلة ذلك: صوم داوود صلى الله عليه وعلى اله وسلم، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وصفه بكونه أفضل الصوم وأعدل الصوم، وأكد ذلك، فقال: "لا أفضل من ذلك" كما في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما في الصحيحين، ومع ذلك لم ينقل عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم قطُّ أنه كان يصوم يوماً، ويفطر يوماً، بل ولا كان يصوم يوماً، ويفطر يومين، فإنه لما سئل صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن صوم يوم وإفطار يومين قال: "لوددت لو أني طُوِّقتُ ذلكً" كما في حديث أبي قتاده في صحيح مسلم، مما يدل على أرجحية ما ذكر سابقاً وأما دعوى اختصاص أم سنان رضي الله عنها بقضية الحديث، لكونه صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يدل على عمرة رمضان إلا تلك المرأة؛ فدعوى غير صحيحة، لأن الحث على عمرة رمضان جاءت في عدة أحاديث من مسند عدة من الصحابة رضي الله عنهم، ومع جملة منهم، انظرها في الترغيب والترهيب للمنذري، وقد صحح بعضها الألباني رحمه الله، وحسن البعض الآخر، وذكر العسقلاني رحمه الله في الفتح منها ثلاثة أحاديث وقعت لثلاثة صحابة رضي الله عنهم، والله الموفق. كتبه/ فؤاد بن بشر الكريم الجهني. ١٤٤٥/٩/٢٥ هج. | ||