مقالة: ٣٠-خطأ من أطلق جازمًا أن الله لا يمكن أن يقدر لكل مؤمن إلا ما هو خير له
بسم الله الرحمن الرحيم. أما بعد؛ فمن الجدير بالتنبيه عليه أن من الناس من يطلق قوله جازما به بأن الله لا يمكن أن يقدر لكل مؤمن إلا ما هو خير له، وهذا زلل عظيم في الاعتقاد، لأن الله تعالى لم يتكفل لأحد بعينه ألا يقدر له إلا ما هو خير له، بل الله تكفل بألا يشرع إلا ما هو للمخاطبين بشرعه إذا التزموه، وأما المقادير؛ فإنما هي خير للمؤمن بمجموع الأمرين، وفاقا لما جاء به الحديث عَنْ صُهَيْبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وَسَلَّمَ: "عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاء؛ُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ؛ صَبَر،َ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ " رواه مسلم. لا أن الله لا يقدر لأحدنا إلا ما هو خير له، فذلك عقد أهل الاعتزال ومقالتهم بنظرية فعل الأصلح أو الصالح على الله لعبده، بناءا على أصل فاسد عندهم أن الله لا يمكن أن يخلق الشر، مع أن الله تعالى أخبر عن نفسه بأنه خالق كل شيء. ألا ترون كم من المسلمين أو المؤمنين من يعاقرون المنكر بل ربما يشربون المسكر ولا يوفقون للتوبة من ذاك، أكان الله قدر لهم ما هو خير لهم؟! بالطبع لا، ويا ليت طلاب العلم ينبهون من وراءهم من الناس على مسائل الاعتقاد التي يخالفون فيها، ومن أي الجهات يؤتون فيها، بتنبيههم على ما يشيع أو قد يشيع فيهم منها. ومن أنكر وأشر ما يشيع فيهم؛ اعتقادهم أن الله جل وعز خص عيسى صلى الله عليه وعلى آله وسلم بإعطائه خصيصة من خصائصه في قضية معينة وهي خلق الطير من العدم إلى الوجود ولكن بسماح الله له في ذلك!!!!!!!! ويا ويله من اعتقد ذلك، فإن هذا من الشرك الأكبر في الربوبية، وإنما أعطى الله عيسى صلى الله عليه وعلى آله وسلم آية نبي كسائر الخوارق لعادة البشر، وهي أن الله جعل مجرد نفخ عيسى في تمثال الطير الذي يصنعه -وكان التصوير في شرعته جائزا- جعل الله نفخه فيه سببا لخلق الله الروح في الطير، فالإعجاز يكمن في سببية ذلك لذا، لا في خلق عيسى للصورة، فهذا لا إعجاز فيه، بل يصنعه ويحسنه أي مصور، كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ذلك في الجواب الصحيح، نظير جعل الله نفخ رسول الله محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم أو بصقه في عين الممرض سببا لخلق الله الشفاء فيه، ونظير جعل الله تبارك وتعالى وضع رسول الله عليه وعلى آله الصلاة والسلام أصابعه في الإناء سببا لخلق الله الماء في الإناء.... ونظائره كثير. وفقكم الله لما فيه رضاه. كتبه/ فؤاد بن بشر الكريم الجهني ١٤٣٩/٩/٣هج. | ||