مقالة: ٤- حكم التهادي على وجه المبادلة
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه مباركاً عليه كما يحب ربنا ويرضى، وبعد؛ فإن ما انتشر في أوساط بعض العوائل أو زملاء العمل من التهادي في بعض المناسبات العامة كالعيدين ونحوهما على وجه المبادلة، فتتفق جماعة على أن كل فرد منهم يقدم هدية مغلفة في وقت المناسبة ويقرعون بينهم، ليحصل كل واحد منهم على هديته من الآخر، فإنه يقال في حكم هذا العمل: إذا كان هؤلاء المتهادون دخلوا في هذا العمل على وجه التباذل -بالذال- أي التبرع والعطاء الذي لا يلتزم أحد منهم تقديم الهدية، بل من قدم هدية قُبل منه، وأخذ هديته التي تخرج له، ومن لم يقدم هدية فكذلك، قبل منه، وأخذ هديته التي تخرج له؛ فإنه عمل جائز، يدخل في فضل التهادي والتباذل. وأما إذا دخلوا في هذا العمل على وجه التبادل -بالدال- والتعاوض، بحيث يلتزم كل داخلٍ تقديمَ هدية؛ فإنه عمل يحتمل كونه محرماً، لأنه أشبه ما يكون بعقود المعاوضة التي يشترط فيها العلم بالعوض والعلم بالمعوَّض، وهذا مفقود في هذا العمل، فيكون غررا، وقد نهى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر (رواه مسلم)، وقد يكون هذا العمل مبايعة ولو سماه الناس تهاديا، ثم قد تتضمن هذه المعاملة ميسرا، ما لو تفاوتت القيم الحقيقية للهدايا، لأن من حصل على هديةٍ ذاتِ قيمة عالية؛ غَنِم، ومن كان بعكس ذلك؛ خسِر وغَرِم، والناظر في وقائع الناس المتعاملين بذلك يظهر له ما يترتب عليه ولو أحيانا من التعاتب، واتخاذ مَن خرجت له هدية لا ترضيه مواقفَ سلبية ممن أهداه بهذه الطريقة من التهادي؛ ولو أبدوا التراضي وطيب الأنفس. فلذا؛ النصيحة للإخوة الذين يعملون هذا العمل أن يجتنبوه، وألا يفتتحوا بابا من أبواب الشيطان عليهم هم في عافية منه، وألا يُخرجوا حقيقةَ التهادي من روح التباذل والتوادِّ إلى روح التعاوض والتشاحِّ، وأن يبقَوا على صورة التهادي المعهودة التي جرت عليها عادة الناس في القديم والحديث، ليحصل المقصود منه وهو التآلف والتقارب، وفق الله الجميع للهدى والسداد. كتبه/فؤاد بن بشر الكريم الجهني ١٤٤٠/٩/٢٥ هج. | ||