مقالة: ٤٢- من السنة تحري قراءة القرآن كاملاً في كل شهر مرة، وشهر رمضان بالأخص وأفضل أوقات قراءة القرآن.
ببسم الله الرحمن الرحيم، وبعد؛ فبمناسبة حلول شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، وإقبال الناس على قراءته، فليعلم أن من السنة تحري قراءة القرآن كاملاً في كل شهر مرة، ولو زاد؛ فهو أفضل، لحديث ابن عمرو رضي الله عنهما في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وعلى آله قال له: "اقْرَأِ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ". وشهر رمضان بالأخص يشرع تحري ختمه فيه أكثر من غيره، لا لكونه الشهرَ الذي أنزل فيه القرآن، بل لأنه روى البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (... إِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَلْقَاهُ - يعني النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فِي كُلِّ سَنَةٍ فِي رَمَضَانَ، حَتَّى يَنْسَلِخَ، فَيَعْرِضُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وَسَلَّمَ الْقُرْآنَ) -أي كامل ما أنزل عليه منه فيه، وذلك من السنة الثانية إلى التاسعة، ثم في السنة العاشرة من الهجرة عرض عليه القرآن مرتين - كما جاء مضمون ذلك في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه. ولكن ليس من السنة تحري ختمه في صلاة القيام، بل يفعل من يفعل ذلك ليسمع الناس القرآن، وليراجع حفظه إياه، أما على أنه سنة نبوية أو مذهب صحابي؛ فلا يُعلم في ذلك خبر ثابت اْلبتة. ثم هل الأفضل قراءة القرآن ليلاً أو نهاراً؟ فالجواب: ما كان القرآن فيه أخشعَ للقلب، والقلبُ فيه أفرغَ له؛ كان أفضل، ومع استواء الأحوال؛ فالليل أفضل، لقول الله تعالى: (إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا)، ولقول ابن عباس رضي الله عنهما في الحديث الآنف: (وَكَانَ -يعني جبريل- يَلْقَاهُ -يعني النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ)، ولما أصله في الصحيحين من قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: "ألَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ الدَّهْرَ وَتَقْرَأُ الْقُرْآنَ كُلَّ لَيْلَةٍ"، فأنكر عليه الكم، وأقره على توقيت القراءة بالليل، والله الموفق. كتبه/ فؤاد بن بشر الكريم الجهني. ١٤٤٢/٩/٥ هج. | ||