١٩٣- سائل عن حكم الإيقاعات التي تصنعُ باليدين والرجلين والفم والأصابع بغير المعازف المعروفة مما يشبه كثيرًا صوتُه العزفَ الموسيقى بالمعازف؟
سائل عن حكم الإيقاعات التي تصنعُ باليدين والرجلين والفم والأصابع بغير المعازف المعروفة مما يشبه كثيرًا صوتُه العزفَ الموسيقيَّ بالمعازف؟ الجواب: ينبغي أولاً أن يُنظر هل العبرة في الموسيقى الآلةُ الموسيقية، أو الصوتُ الموسيقيُّ الصادرُ والمسموعُ؟ لينبنيَ على ذلك بيان الحكم، فيقال: بناء الحكم على الآلة مطلقاً وإناطتُه باستعمالها فيه نظر ظاهر، وذلك لأنه لا يصح لا طرداً ولا عكساً، ويَبِيْنُ ذلك بالتالي؛ أما طرداً؛ فلأن من استعمل آلة موسيقية وعَزَف عليها إلا أنها لم تُصدر الصوتَ الموسيقي المعروف، وإنما أصدرت أصواتاً مزعجة مستهجنة، فإن هذا لا يكون عزفاً، ولا الاستعمال محرماً، لأن الصوت الصادر ليس بموسيقى، وإنما نقيق أو نعيق أو غثاء أو رغاء أو خوار أو مطلق ضجيج، ولا يمكن أن يقال: إن مثلَ هذا يعد موسيقى لا لغةً ولا عرفاً، فلا ينبغي أن يعطى حكمَها شرعاً، إلا إذا نُوغَم بين تلك الأصوات أو حُسِّنت؛ فلا سبيل لإخراجها عن كونها عزفاً محرماً -وإنما ذُكِر هذا الاحتراز لئلا يكون موردَ متحيِّلٍ على محارم الله، ليستبيح ما حرم الله-. وأما عكساً؛ فلأن استعمال الآلاتِ الإلكترونيةِ -كالحاسب الآلي والجوالِ وألعاب الأطفال والأجراس الإلكترنية- مما لا يُعَدُّ من آلات العزف، لو أصدرت أصواتاً موسيقية؛ فإنها تُعطى حكمَ الآلات الموسيقيةِ، ولا يصح أن يقال: ما دامت ليست آلاتٍ موسيقيةً، ولا يباشر فيها العزف بالفعل فإنها تجوز. بل نقول: إنها أبلغ في الحقيقة من الموسيقى التقليديةِ القديمةِ المعهودةِ فتكون أولى بالتحريم، بعلة أنها أصدرت أصواتاً موسيقية. فإذا تبين ذلك؛ فما يصنع بالأعضاء البشرية مما يشبه في وقعه وإيقاعه الموسيقَى القديمة أو الحديثة؛ ينبغي أن يعطى حكم الموسيقى تماماً، اعتباراً بالصوت، وثمة أُناسٌ اليوم يتفنَّنُون بهذا العمل، حتى لتكاد تقسم بالله أنه يستعمل آلاتِ عزفٍ، وليس في الحقيقة يستعمل منها شيئاً!!! وهو ما يسمى بفن (الأكابِلاَّ)، وهو ضرب مما أحدثه الناس يستعملون فيه الصوت البشري، وربما أضافوا عليه مؤثرات؛ كالصدى، والترديد، والترقيق، والتعظيم، وقد يقرنونه بالصفق باليدين، والدبك بالرجلين، والصرير بالأسنان، والطق أو الفرقعة بالأصابع .....، ثم يلائمون بين هذه الإيقاعات، فينتج عزفٌ متكاملُ الأوصاف، لا يفترق بشيء عن العزف الموسيقي بالآلات، فهذا لا يفترق البتة عن أي معزف موسيقي من حيث الصوت الصادر والمسموع، فيكون محرماً لذلك، ومن لم يمنعه؛ فيلزمه أن يقول بجواز استعمال الأجهزة الإلكترونية التي تؤلف بين الذبذبات، لتُخْرِج سِمْفُونيةً متكاملةً، لأنه لا وجود لآلات عزف داخلها، وهل هذا يصح؟!!! بقي الكلام على الإيقاعات بأصوات بشرية ليست في السمع والوقع يشبه الموسيقى، كالتأوُّهات المعروفة التي تُقرن ببعض الكلمات والبرامج، فهذه أقرب للحل منها للتحريم، لكونها لم تخرج إلى حد الإيقاع الموسيقي، فلا يظهر أن بها بأساً. والخلاصة: العبرة في المسألة هي بالصوت المسموع، لا بالآلة المستخدمة، فما أصدر صوتاً موسيقياًّ؛ فهو محرم؛ ولو لم يكن صادراً بآلات موسيقيةٍ، وما يُقْرَن بالمقاطع الصوتية والمرئية من المؤثرات الصوتية كخلفيات تحسينية إذا تميزت بأنها أصوات بشرية لا تماثل الموسيقى ولا تقرب منها؛ فليس بمحرم، وما اشتبه بينهما لاحتماله كُلاًّ منهما؛ فالأحوط اجتنابه، والله أعلم، وهو الهادي إلى سواء السبيل.كتبه فؤاد بن بشرالكريم الجهني ١٤٤٤/٣/١٥هـ | ||